نظام مبارك يضبط موقفه من الحصار على الإيقاع الصهيونى - الأمريكي
وفتح معبر رفح حاليا هو نوع من الأكذوبة، لأنه يتم بنفس المعايير التى كان يفتح بها من قبل عدة أيام فى الشهر، فهو مقصور على نوع معين من الأفراد (وليس كل الأفراد) وهم حاملوا الإقامات فى مصر أو أى دولة أخرى، وبعض المرضى، وهو الأمر الذى لا ينطبق على معظم سكان غزة، كما أصبح الموقف متشددا من قيادات وأعضاء حماس بمنع دخولهم، حتى لقد منعوا وزير الصحة فى غزة من العبور تلبية لدعوة من سويسرا!! فسويسرا تتقبل حماس والنظام المصرى لا يقبلهم.
أما بالنسبة للبضائع فلا يزال معبر رفح لا يسمح إلا بعبور بعض الأدوية (وليس كلها) وبعض المعدات الطبية (وليس كلها) أما أى مساعدات أخرى كالغذاء والبطاطين والخيام فلا تدخل إلا عبر معبر العوجة الإسرائيلي. والأمر باختصار أن مصر الرسمية تلتزم بكل معايير الحصار الإسرائيلي، وباتفاق صريح مع إسرائيل فكل ما يعبر من وإلى غزة عبر معبر رفح فهو بتفاهم مع إسرائيل، وأما إدخال أى شيء عبر العوجة فهو بموافقة إسرائيلية بطبيعة الحال.
وقد فقدت السلطة المصرية أى قدر من الاستقلال النسبى عن الإرادة الصهيونية- الأمريكية فى موضوع الحصار، حتى أنها لا تملك أن تدخل برطمان عسل أو عبوة كزبرة بدون موافقة إسرائيل. كما تلتزم السلطة المصرية باتفاق باريس بين سلطة عباس والصهاينة بعدم استيراد أى بضائع من مصر أو أى بلد عربى آخر بصورة تجارية، حتى تظل إسرائيل تحتكر السوق الغزاوى وأيضا سوق الضفة الغربية. وتعتبر غزة والضفة ثانى سوق للاقتصاد الإسرائيلى فى مجال التصدير بعد الولايات المتحدة!! ومجموع ما تصدره إسرائيل لهما حوالى 4 مليار دولار سنويا أو ما يساوى أكثر من 20 مليار جنيه مصري، وإسرائيل تحرم مصر من هذا السوق، رغم التعاون المصرى معها فى مجال سوق الكويز الصناعى والبترول والغاز الطبيعي، فإسرائيل تأخذ ما تريده وترفض ما تريده، وحكومة مبارك لا تقول إلا سمعا وطاعة حتى وإن كان ذلك على حساب مصلحة الاقتصاد المصري.
لذلك ليس عجيبا أن يقول بن اليعازر أن مبارك (كنز إسرائيل الاستراتيجي) ونظام مبارك متضامن مع إسرائيل ضمن هذا الإطار بمنع إدخال أى مواد بناء لغزة حتى تظل بدون تعمير ويظل 60 ألف منزل، و 100 مسجد و700 مصنع و 120 مقر إدارى مدمرة. وهذه إستراتيجية إسرائيلية للضغط النفسى على أهالى غزة.
وعندما منعت السلطات القافلة المصرية لفك الحصار عن غزة والتى كانت تضم مئات النشطاء المصريين، فقد فضحت إدعاءاتها بأن المعبر مفتوح من الجانبين.
فذلك امتداد لما فعلته مع قافلة شريان الحياة بقيادة النائب البريطانى جورج جالوي، وهو الأمر الذى دفع نشطاء العالم إلى استخدام البحر للوصول إلى غزة. ونذكر أن إسرائيل سمحت أول مرة بدخول سفينة مساعدات حتى بدون تفتيش وفى المرة الثانية قامت بالتفتيش وسمحت لها بدخول غزة، ولكن عندما توسعت القوافل (أسطول الحرية) قامت بهذه المذبحة الأخيرة فى محاولة يائسة لوقف هذا الأسلوب الجديد لفك الحصار. ومذبحة أسطول الحرية فضحت الغرب المتشدق بحقوق الإنسان فلم تفضح إسرائيل فحسب. ولذلك أعلنت السلطات الأمريكية والغربية والأمم المتحدة ضرورة إنهاء الحصار عن غزة. وضغطوا على إسرائيل لتخفيف آثار هذه الفضيحة. وأعلنت إسرائيل عن قوائم جديدة للسلع المسموح لها بدخول غزة وهى كلها سلع استهلاكية أو غذائية. ولكن ظلت تمنع على سبيل المثال مواد البناء والأسمدة والكيماويات وهى أمور ضرورية للتعمير والزراعة. ودور حكومة مصر أن تنتظر هذا التفاعل بين إسرائيل وأوروبا وأمريكا لتلتزم فى النهاية بما يتفقون عليه. فهى دورها هو التنفيذ على المعبر الذى يخصها (رفح) وهى مجرد حارس أمين للحلف الصهيونى الأمريكي. بل هى تتسق مع إسرائيل وأمريكا بأكثر مما تتسق مع أوروبا، حتى أن وزير خارجية فرنسا فضح الحكومة المصرية وقال أن المصريين يطالبوننا بعدم الاتصال بحماس!!
وقد أكدت وسائل الإعلام الغربية أن حتى هذا الفتح المشوه لمعبر رفح فى الأسابيع الثلاثة الماضية كان بتفاهم وتشاور كامل مع إسرائيل والولايات المتحدة.
*****
إننا نعلن استعدادنا للمشاركة فى قافلة جديدة لمعبر رفح أى يوم يحدد مع باقى لجان التضامن مع غزة وفلسطين، وسنواصل هذه القوافل لكشف أبعاد هذه الجريمة، وتصعيد الضغوط الشعبية حتى يخضع نظام مبارك للدستور المصرى الذى تنص مادته الأولى على أن مصر جزء لا يتجزأ من الأمة العربية، وحتى يخضع لإرادة شعب مصر لا لإرادة إسرائيل وأمريكا.
مفتوحة لكل من يؤيد حق الشعب الفلسطينى
فى الحياة بلا اسوار او حصار